Navigation

امهات المؤمنين

امهات المؤمنين

أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث

 

هي أم المؤمنين "ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية"، وهى أخت لبابة الكبري زوجة العباس، وهي خالة ابن عباس وخالد بن الوليد رضى الله عنهما، وكانت رضي الله عنها من سادات النساء، وراويه لعدد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد إنتهاءه من عمرة القضاء فى شهر ذي القعدة عام 7 هـ، وهي آخر امرأة تزوجها، وقام بتزويجها له زوج أختها العباس، وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان صداقها (مهرها) أربعمائة درهم، ودخل بها النبي صلى الله عليه وسلم "بسرف"، وهو مكان فى مكة قرب التنعيم، وكانت رضي الله عنها تبلغ من العمر حيندئذ 26 عاما، بينما كان عمر النبي 59 عاما، وكان اسمها بَرَّة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة.

وكان هدف رسول الله صلى الله عليه وسلم من زواجه بميمونة هو إتخاذ وسيلة لزيادة التفاهم بينه وبين قريش، بجانب مواساة ميمونة رضي الله عنها بعد وفاة زوجها.

وكان ابن عباس رضي الله عنه يبيت عند خالته أحياناً في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكسب علماً وأدباً وخلقاً ويعلمه للمسلمين.

وقد توفيت رضي الله عنها بسرف مكان زواجها ودفنت فيه أيضا عام 51 هجريا عن عمرٍ يناهز 80 عاما رضي الله عنها وأرضاها

ام المؤمنين حفصةبنت عمر

 

حفصة بِنت عمر بنِ الخَطاب العدوية، أُم المؤمنين. هى السيدة الستر الرفيع بنت أمير المؤمنين أبى حفص عمربن الخطاب. وأمها زينب بنت مظعون.

كانت حفصة زوجة صالحة للصحابي الجليل (خنيس بن حذافة السهمي) الذي كان من أصحاب الهجرتين، هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين إليها فرارا بدينه ، ثم إلى المدينة نصرة لنبيه صلى الله عليه و سلم، و قد شهد بدرا ثم شهد أحدا، فأصابته جراحه توفي على أثرها ، و ترك من ورائه زوجته ( حفصة بنت عمر ) شابة في ريعان العمرو لم تلد له، فترملت ولها عشرون سنة. وكان عمر (رضي الله عنه) حين ترملت حفصة من زوجها عرضها على عثمان بن عفان، فقال له: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر

قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي، ثم قال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا.

فلقي عمر أبا بكر فقال له: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إليه شيئاً، فكان عمر عليه أَوجد منه على عثمان. فلبث ليالي، ثم خطبها رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) فأنكحها إياه، وفي رواية: أن عمر أتى النبيّ (صلّى الله عليه وسلَّم) فشكاه عثمان، فقال النبيّ (صلّى الله عليه وسلَّم) قد زوج اللهُ عثمان خيراًمن ابنتك، وزوج ابنتك خيراً من عثمان) فتزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلَم) حفصة، وأصدقها رسول الله (صلى الله عليه وسلَم) أربعمائة درهم. وزوج أم كلثوم من عثمان بن عفان ( رضي الله عنهما)

قال عمر (رضي الله عنه) فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك. قلت: نعم.

قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلاّ أني قد علمت أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) قد ذكرها فلم أكن لأُفشي سرّ رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) ولو تركها لقبلتها..

وحفصة، وعائشة: هما اللَتَانِ تظَاهرتَا علَى النبِي (صلَى الله علَيه وسلم ) فَأَنْزل اللهُ فيهما:(إِنْ تَتُوْبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوْبُكُمَا، وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيْلُ...) الآيَة

عن عطاءسمع عبيد بن عميريقول: سمعت عائشة تَزعم أَن النبِي (صلى اللهُ علَيه وسلم) كَان يمكث عند زينب بِنت جحش، ويشرب عندها عسلاً. فَتَواصيت أَنا وحفصة إن أَتينا ما دخل علَيها، فَلتقل: إِنِّي أَجد مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ! أأَكَلْتَ مَغَافِيْرَ

فَدخل علَى إِحداهما، فَقالَت لَه ذلك قَال (بل شربت عسلا عند زينب، ولَن أَعود لَه) فَنزل(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ) إِلَى قَوله: (إِنْ تَتُوْبَا) -يعنِي: حفصةَ وعائشة وإِذ أَسر النبِي (قَوْلَهَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلا)

و روى أن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) طلقها تطليقة ثم ارتجعها وذلك أن جبريل قال له أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة عن أنس أن النبي( صلى الله عليه وسلم) طلق حفصة ثم أمر أن يراجعها

عن عقبة بن عامر قال طلق رسول الله( صلى الله عليه وسلم) حفصة بنت عمر فبلغ ذلك عمر فحثى التراب على رأسه وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها فنزل جبريل من الغد على النبي( صلى الله عليه وسلم) فقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر

وفي رواية أبي صالح دخل عمر على حفصة وهي تبكي فقال لعل رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قد طلقك إنه كان قد طلقك مرة ثم راجعك من أجلى فإن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا

و قد كانت رضى الله عنها صوامة قوامة و روت عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد حفظت نسخة القرآن الكريم عندها

روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال : لما أمرني أبوبكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر( رضي الله عنه) أي : توفي كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده أي: على رق من

نوع واحد فلما هلك عمر( رضي الله عنه) كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي( صلى الله عليه و سلم) ، ثم أرسل عثمان( رضي الله عنه) إلى حفصة( رضي الله عنها) فسألها أن تعطيه الصحيفة ؛ و حلف ليردنها إليها، فأعطته ، فعرض المصحف عليها ، فردها إليها ، وطابت نفسه ، و أمر الناس فكتبوا المصاحف

توفيت حفصة (رضي الله عنها) في شعبان سنة خمس وأربعين، أو إحدى وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) وهي يومئذ ابنة ستين سنة أو ثلاث وستين سنة، فصلّى عليها مروان بن الحَكَم، وهو يومئذ عامل المدينة، ثم تبعها إلى البقيع، وجلس حتى فُرغ من دفنها، وكان نزل في قبرها عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر(رضى الله تعالى عنهم جميعآ)

 

ام المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية، ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م)، تربت في بيت مجد ورياسة، ونشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، وعرفت بالعفة والعقل والحزم حتى لقبها قومها في الجاهلية بـ "الطاهرة".

‏قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة.

فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة

فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟
فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي.
ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم تجارته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم عاد إلى مكة ومعه ميسرة، وقد ربح المال ضعف ما كان يربح.
وذهب ميسرة الى السيدة خديجة فحدثها بقول الراهب، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً.
وطلبت السيدة خديجة من نَفِيسَة بنت مُنْيَة أن تذهب الى النبي لتعرض عليه الزواج منها فذهبت اليه وقال له: محمّد! ما يمنعك أن تزوَّج؟
فقال: (مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ).
قالت: فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب؟
قال: (فَمَن هي ؟).
قالت: خديجة.
قال: (وَكَيفَ لي بِذَلك ؟).
قالت: عليَّ.
قال: (فأنا أَفْعلُ).
فذهبت نفيسة وأخبرت خديجة فأرسلت الى النبي وإلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها لأن أباها كان قد مات، وحضر النبي ومعه عمه حمزة بن عبد المطلب فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
وكان عمرها وقت زواجها من النبي أربعين سنة وكان النبي صلى الله عليه و سلم يصغرها بخمسة عشر عاما.
وقد أنجبت له ولدين وأربع بنات هم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة
وأول ما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه و سلم في غار حراء رجع النبي اليها يرجف فؤاده فدخل عليها وقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وروى لخديجة ما وقع له وقال: لقد خشيت على نفسي.
فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة الى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وكان شيخا كبيرا مسيحيا فقالت له خديجة: يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما أُري.
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى.
وآمنت خديجة بنت خويلد، وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن رسوله صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍ عليه، وتكذيب له، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه، وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس.
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ:
أَتَى جِبْرِيْلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيْجَةُ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيْهِ إدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيْهِ وَلاَ نَصَبَ.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ مَرِيْمَ: فَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ، وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ؛ آسِيَةُ).
كان رسول الله يفضلها على سائر زوجاته، و لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها الى صديقات خديجة.
قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيْجَةَ، لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا. فَذَكَرَهَا يَوْماً، فَحَمَلَتْنِي الغَيْرَةُ فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيْرَةِ السِّنِّ!
قَالَ: فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَباً، أُسْقِطْتُ فِي خَلَدَي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُوْلِكَ عَنِّي، لَمْ أَعُدْ أَذْكُرُهَا بِسُوْءٍ.
فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَقِيْتُ، قَالَ: (كَيْفَ قُلْتِ؟ وَاللهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذْ رَفَضَنَي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الوَلَدَ، وَحُرِمْتُمُوْهُ مِنِّي).
قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْراً.
وقد توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة, وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر ورضى بحكم الله – سبحانه وتعالى و لقد حزن عليها الرسول صلى الله عليه و سلم حزنا كبيرا حتى خُـشى عليه و مكث فترة بعدها بلا زواج، وسُمي عام وفاتها بعام الحزن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أم المؤمنين سوده بنت زمعة بن قيس

هي أم المؤمنين سوده بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية. كانت قبل أن يتزوجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم )تحت ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو، أخي سهيل بن عمرو العامري. أسلمت سودة وزوجها السكران وهاجرا جميعاً إلى أرض الحبشة، و لما قدم السكران من الحبشة بسودة توفى عنها فخطبها الرسول( صلى الله عليه و سلم)
هى أول من دخل بها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بعد خديجة رضي الله عنها، وكانت صوامة قوامة. وانفردت به نحوا من ثلاث سنين حتى دخل بعائشة. و كانت سيدة جليلة نبيلة.
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي سلمة ويحيى قالا: لما هلكت خديجة جاءت خَوْلَة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون قالت: يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال: من ؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً،
قال: فمنِ البِكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجل إليك عائشة بنت أبي بكر. قال: ومنِ الثييب ؟
قالت: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول. قال: فاذهبي، فاذكريهما عليَّ.
وعن بكَير بنِ الأَشج: أَن السكران قَدم من الحبشة بِسودةَ، فتوفي عنها، فخطبها النبِي (صلَى الله عليه وسلم) فَقَالت: أَمري إِلَيك. قَال: (مري رجلاً من قَومك يزوجك). فَأَمرت حاطب بن عمرو العامري، فزوجها وهو مهاجِري بدري
عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) خطب امرأة من قومه يقال لها سودة، وكانت مصبية كان لها خمس صبية(أو ست من بعلها). فقال رسول الله( صلى الله عليه وسلم).
قالت: والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إلي، ولكني أكرمك أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشية. قال: فهل منعك مني غير ذلك؟
قالت: لا والله. قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يرحمك الله إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل، صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل بذات يده).
حدثَنَا القَاسم بن أَبِي بزةَ: أَن النبِي (صلَى الله عليه وسلم) بعث إِلى سودةَ بِطلاقها، فجلست علَى طرِيقه، فقَالت: أنشدك بِالذي أَنزل عليك كتَابه، لم طلقتني؟ أَلموجدة؟ قَال: (لاَ).
قَالت: فأنشدك الله لما راجعتَني، فلاَ حاجة لي في الرجال، ولكني أحب أن أبعث في نسائك، فراجعها. قَالت: فإِني قَد جعلت يومي لعائشة. فتركها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وصالحها على ذلك.
وفي ذلك أنزل الله عز وجل: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} قالت عائشة: نزلت في سودة بنت زمعة.
وكانت (رضى الله عنها) صوامة قوامة و كانت تحب الصدقة. وكانت ذات عبادة وورع وزهادة، قالت عائشة: ما من امرأة أحب إليّ أن أكون في مسلاخها غير أن فيها حدة تسرع منها الفيئة.
قَالَتْ سَوْدَةُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ. صَلَّيْتُ خَلْفَكَ البَارِحَةَ، فَرَكَعْتَ بِي حَتَّى أَمْسَكْتُ بِأَنْفِي مَخَافَةَ أَنْ يَقْطُرَ الدَّمُ. فَضَحِكَ، وَكَانَتْ تُضْحِكُهُ الأَحْيَانَ بِالشَّيْءِ.
عنِ ابنِ سيرين: أَن عمر بعث إِلَى سودةَ بِغرارة دراهم. فقَالت: ما هذه؟ قَالوا: دراهم.
قَالت: في الغرارة مثل التمر، يا جارية بلغيني القنع، ففرقتها. وكانت تحب الصدقة كثيراً، فقالت عنها عائشة( رضي الله عنها) اجتمع أزواج النبي عنده ذات يوم فقلن: يا رسول الله أينا أسرع بك لحاقاً؟
قال: أطولكن يداً، فأخذنا قصبة وزرعناها. فكانت زمعة أطول ذراعاً فتوفي رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فعرفنا بعد ذلك أن طول يدها كانت من الصدقة.
و روت (رضى الله عنها) خمسة أحاديث عن النبى (صلى الله عليه و سلم)
توفيت (رضى الله عنها) فى زمن عمر بن الخطاب. رضى الله تعالى عنهم جميعا.

 

 

 

 

 

 

 

جويرية بنت الحارث

هي برة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك من خزاعة ، كان أبوها سيد وزعيم بني المصطلق .

عاشت برة في بيت والدها معززة مكرمة في ترف وعز في بيت بنى المصطلق ، و تزوجت برة من ابن عمها مسافع بن صفوان بن أبى الشفر أحد فتيان خزاعة. وقد غُير اسمها الى جويرية.
بلغ رسول الله( صلى الله عليه وسلم) أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث.
فلما سمع بهم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحم الناس واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونقل رسول الله( صلى الله عليه وسلم) أبناءهم ونساءهم وأموالهم غنيمة للمسلمين.
عن عائشة قالت: لما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة جميلة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله( صلى الله عليه وسلم) لتستعينه في كتابتها قالت: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت.
فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي. قال: (فهل لك في خير من ذلك ؟). قالت: وما هو يا رسول الله ؟ قال: (أقضي عنك كتابك وأتزوجك). قالت: نعم يارسول الله قد فعلت.

قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله( صلى الله عليه وسلم)قد تزوج جويرية بنت الحارث. فقال الناس: أصهار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأرسلوا ما بأيديهم.

قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها.
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت جويرية بنت الحارث: رأيت قبل قدوم النبيى (صلى الله عليه وسلم) بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر به أحداً من الناس، حتى قدم رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فلما سبينا رجوت الرؤيا.
قالت: فأعتقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتزوجني، والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذي أرسلوهم، وما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني الخبر، فحمدت الله تعالى.

قال ابن هشام : ويقال : لما انصرف رسول الله( صلى الله عليه وسلم) من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث ، وكان بذات الجيش ، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة ، وأمره بالاحتفاظ بها ،
وقدم رسول الله( صلى الله عليه وسلم) المدينة ، فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته ، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء ، فرغب في بعيرين منها ، فغيَّبهما في شعب من شعاب العقيق ، ثم أتى إلى النبي( صلى الله عليه وسلم )وقال : يا محمد ، أصبتم ابنتي ، وهذا فداؤها.

فقال رسول الله( صلى الله عليه وسلم )فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق ، في شعب كذا وكذا ؟ فقال الحارث : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله ، فوالله ما اطلع على ذلك إلا الله ، فأسلم الحارث ، وأسلم معه ابنان له ، وناس من قومه ، وأرسل إلى البعيرين ، فجاء بهما ، فدفع الإبل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم).
روت ام المؤمنين جويرية بنت الحارث عن رسول الله سبعة أحاديث. ومن الأحاديث التي أخرجها الإمام البخاريُ رحمه الله عن قتادة عن أيوب عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي( صلى الله عليه و سلم) دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة فقال: أصمت أمس ؟ قالت : لا.

قال: تريدين أن تصومي غدا؟ قالت : لا قال: (فأفطري)وهذا يدل على كراهية تخصيص يوم الجمعة بالصوم والنهي عن صيامه.
توفيت أم المؤمنين جويرية سنة خمسين من الهجرة النبوية و قيل سنة ست و خمسين و دفنت في البقيع رحمهاالله تعالى رحمةواسعة.

 

أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق

هى أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق الطاهرة المبرئة من السماء حبيبة رسول الله( صلى الله عليه و سلم) قال عنها عروة بن الزبير ( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة).
عن عائشة: أن النبي( صلى الله عليه وسلم) قال لها: (أريتك في المنام، مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك، فأكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول إن كان هذا من عند الله يمضه).
روى الامام أحمد فى مسنده: لما هلكت خديجة جاءت خَوْلَة بنت حكيم امرأة عثمان بن مَظْعُون قالت: يا رسول الله! ألا تزوّج؟ قال: (من ؟) . قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً. قال: (فمن البِكر ؟). قالت: ابنة أحب خلق الله عز وجلّ إليك عائشة بنت أبي بكر.
قال: (ومن الثييب ؟) . قالت: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول، قال: (فاذهبي، فاذكريهما علي). فدخلت بيت أبي بكر، فقالت: يا أم رومان! ماذا أدخل الله ،عز وجل ،عليكم من الخير والبركة. قالت: وما ذلك؟ قالت: أرسلني رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) أخطب عليه عائشة.
قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي، فجاء أبو بكر. فقالت: يا أبا بكر! ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة . قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) أخطب عليه عائشة.
قال: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه. فرجعت إلى رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) فذكرت له ذلك. قال: (ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي). فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظري، وخرج.
قالت أم رومان: إن مطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعدا قط فأخلفه، لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي، وعنده امرأته أم الفتى، فقالت: يا ابن أبي قُحافة! لعلك مصب صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوج إليك، قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أقول هذه تقول؟
قال: إنها تقول ذلك، فخرج من عنده وقد أذهب الله (عز وجل ) ما كان في نفسه من عدته التي وعده، فرجع، فقال لخولَة: ادعي لي رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) فزوجها إياه، وعائشة يومئذ بنت ست سنين.
فلما هاجر رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) إلى المدينة خلف أهله وبناته، ثم إنهم قدموا المدينة، فنزلت عائشة (رضي الله عنها) مع عيال أبي بكر بالسنح، فلم تلبث أن وعكت ( أي أصابتها الحمى ) فكان أبو بكر (رضي الله عنه) يدخل عليها قيقبِل خدّها ويقول: كيف أنت يا بُنية؟ قالت عائشة: فتمرق شعري تساقط فوفَى جميمة ( كثر)
فقال أبو بكر: يا رسول الله! ما يمنعك من أن تبني بأهلك؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) (الصداق)، فأعطاه أبو بكر خمسمائة درهم.
قالت عائشة: فجاء رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) ضحى فدخل بيتنا، فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أُرجوحة ومعي صواحب لي، فصرخت بي، فأتيتها لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأُنهِج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقُلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلاّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) فأسلمتني إليه، وهي يومئذ بنت تسع سنين ولُعبها معها.‏
من أخص مناقبها ما علم من حب رسول( اللّه صلى اللّه عليه وسلم) لها، وشاع من تخصيصها عنده، ولم يتزوج بكراً سواها ونزول القرآن في عذرها وبراءتها، والتنويه بقدرها، ووفاة رسول اللّه( صلى اللّه عليه وسلم) بين سحرها ونحرها، وفي نوبتها، وريقها في فمه الشريف، لأنه كان يأمرها أن تندي له السواك بريقها، ونزول الوحي في بيتها، وهو في لحافها.
عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرة لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: ((في التي لم يرتع منها)) تعني أن النبي( صلى الله عليه وسلم) لم يتزوج بكراً غيرها.
عن أنس (رضي الله عنه) أن النبي (صلّى الله عليه وسلَّم) سئل: من أحب الناس إليك؟ قال: (عائشَةُ)، فقيل: من الرجال ؟، قال: (أبوها).

وكان رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) يلاطف عائشة (رضي الله عنها)ويباسطها، ويراعي صغر سنها، روي عنها أنها كانت تلعب بالبنات( أى العرائس) عند رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) قالت: وكانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن ( يتسترن) من رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم )قالت: فكان رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) يسربهن إلي.

وقالت: خرجت مع النبي (صلّى الله عليه وسلَّم) في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللّحم ولم أبدن، فقال للناس: (تقَدَموا)، فتقدموا، ثم قال لي: (تَعالَي حتى أُسابِقك)، فسابقته، فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم، وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: (تقَدموا)، فتقدموا. ثم قال لي: (تَعالَي حتى أُسابِقَك)، فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: (هذه بتلك).

عن عائشةَ: أَن رسول الله (صلَى الله علَيه وسلم) كان يقول لَها: (إِني لأَعلَم إِذَا كنت عني راضيةً، وإِذَا كنت علَي غضبى). قَالَت: وكيف يا رسول الله؟ قَالَ: (إِذَا كنت عني راضيةً، قلت: لا، ورب محمد، وإِذَا كنت علَي غضبى، قلت: لا، ورب إِبراهيم). قلت: أَجل، والله ما أَجهر إلا اسمك.

عن عائشة، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غداً، أين أنا غداً، يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة، حتى مات عندها.

قالت عائشة( رضي الله عنها)فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه في بيتي، وقبضه الله وإن رأسه لبين سحري ونحري، وخالط ريقه ريقي، قالت: ودخل عبد الرحمن ابن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله (صلى الله عليه وسلم )فاستن به، وهو مسند إلى صدري.

ومن خصائصها: أنها أعلم نساء النبي( صلى الله عليه وسلم) بل هي أعلم النساء على الإطلاق

حادثةالأفك: قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، فلما كان غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه، كما كان يصنع، فخرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله( صلى الله عليه وسلم).

قالت: فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من سفره ذلك، وجه قافلاً حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتي، وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته.

وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير، وقد كانوا فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه، كما كنت أصنع فاحتملوه فشدوه على البعير، ولم يشكوا أني فيه ثم أخذوا برأس البعير، فانطلقوا به فرجعت إلى العسكر وما فيه داع ولا مجيب، قد انطلق الناس.

قالت: فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إلي.

قالت: فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته، فلم يبت مع الناس فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا متلففة في ثيابي.

قال: ما خلفك يرحمك الله ؟ قالت: فما كلمته.

ثم قرب إلي البعير فقال: اركبي، واستأخر عني. قالت: فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي، فقال أهل الإفك ما قالوا، وارتج العسكر، والله ما أعلم بشيء من ذلك.

ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم )وإلى أبوي لا يذكرون لي منه قليلاً ولا كثيراً، إلا أني قد أنكرت من رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي، فلم يفعل ذلك بي في شكواي ذلك، فأنكرت ذلك منه.

كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال:(كيف تيكم ؟)لا يزيد على ذلك. قالت: حتى وجدت في نفسي، فقلت: يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لي لو أذنت لي، فانتقلت إلى أمي فمرضتني ؟ قال: (لا عليك).

قالت: فانقلبت إلى أمي، ولا علم لي بشيء مما كان حتى نقهت من وجعي بعد بضع عشرين ليلة، فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب.

قالت: فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها فقالت: تعس مسطح ( ومسطح لقب واسمه عوف ) قالت: فقلت: بئس لعمرو الله ما قلت لرجل من المهاجرين وقد شهد بدراً. قالت: أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ؟

قالت: قلت: وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك. قلت: أو قد كان هذا ؟ قالت: نعم والله لقد كان.

قالت: فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي، ورجعت فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي؛ قالت:وقلت لأمي: يغفرالله لك تحدث الناس بما تحدثوابه ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً ؟

قالت: وقد قام رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في الناس فخطبهم ولا أعلم بذلك، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيراً، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي).

قالت: ثم دخل علي رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله، وإن كنت قد فارقت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده).

قالت: فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك، فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئاً، وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فلم يتكلما. قالت: فلما لم أرَ أبوي يتكلمان، قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله(صلى الله عليه وسلم)؟ فقالا: والله ما ندري بما نجيبه. قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل علي آل أبي بكر في تلك الأيام.

قالت: فلما استعجما علي استعبرت فبكيت، ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أني منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني.

قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.

قالت: فوالله ما برح رسول الله( صلى الله عليه وسلم) مجلسه، حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجي بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت وما باليت قد عرفت أني بريئة، وأن الله غير ظالمي.

وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سري عن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس.

قالت: ثم سري عن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان في يوم شات، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: (أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك) قالت: قلت الحمد لله.

ثم خرج إلى الناس فخطبهم، وتلا عليهم .
وفاتها: وقد كانت وفاتها سنة ثمان وخمسين. ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان. وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلاً، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، وكان عمرها يومئذ سبعاً وستين سنة. رحمةالله تعالى عليكم أهل البيت إنه حميدمجيد.

 

ام المؤمنين زينب بنت جحش

ام المؤمنين زينب بنت جحش نسبها زينب بنت جحش بن رباب، أم المؤمنين
أبنة عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم
أمها : أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم و خالها هو حمزة بن عبد المطلب و خالتها صفية بنت عبد المطلب وكانت قديمة في الإسلام و من المهاجرات الأوائل.

زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم .
كان زيد بن حارثة مولى خديجة وهبته لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل البعثة وهو ابن ثماني سنوات فأعتقه وتبناه. وكانوا يدعونه زيد ابن محمد. وقد زوجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بنت عمته "زينب بنت جحش" إلا أنه كان يشكوها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنها تؤذيه وتتكبر عليه بسبب النسب وعدم الكفاءة، فكان يقول له ( أمسك عليك زوجك ): أي لا تطلقها. لكنه لم يطق معاشرتها وطلقها.
وبعد أن انقضت عدتها تزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لإبطال عادة التبني وذلك أن اللّه أراد نسخ تحريم زوجة المتبني. قال تعالى {مَّا كَانَ مُحَمَّدُ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} وقال {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ}.
فكان يدعى بعد ذلك زيد بن حارثة.
وقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وِطَراً زِوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أزْوَاجِ أَدْعِيائِهِمْ إذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أمْرُ اللّه مَفْعُولاً}.
وقد كان اللّه أوحى إلى رسوله أن زيداً سيطلق زوجته ويتزوجها بعده إلا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بالغ في الكتمان وقال لزيد " اتق الله وأمسك عليك زوجك " فعاتبه اللّه على ذلك حيث قال {وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِى أنْعمَ اللّه عَلَيْهِ وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللّه وَتُخْفِي فِي نَفْسِكْ مَا اللّه مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللّه أحَقُّ أنْ تَخْشَاهُ}.

و قد نزلت فيها آية الحجاب.
عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد: ((اذهب فاذكرها علي)). فانطلق حتى أتاها، وهي تخمر عجينها قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري، ونكصت على عقبي، وقلت: يا زينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكرك.
قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي عز وجل. ثم قامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن.
قال أنس: ولقد رأيتنا حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: ((السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته)).
قالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، كيف وجدت أهلك بارك الله لك؟ فتقرَّى حجر نسائه كلهن، ويقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة.
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رهط ثلاثة في البيت يتحدثون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء، فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أم أخبر أن القوم خرجوا، فخرج حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب، وأخرى خارجه أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً}.

زينب فى بيت النبوة.
هي الزوجة التي زوجه الله بها وكانت تفتخر بذلك على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. فتقول: زوجكن أهلوكن وزوجني الله من السماء.
عن الشعبي قال: كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهم: إن جدي وجدك واحد - تعني عبد المطلب - فإنه أبو أبي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو أمها أميمة بنت عبد المطلب، وإني أنكحنيك الله عز وجل من السماء، وإن السفير جبريل عليه السلام.
وهي التي كانت تسمى عائشة بنت الصديق في الجمال والحظوة، وكانت دينة ورعة عابدة كثيرة الصدقة و كانت تسمى أم المساكين.
قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم أمانة وصدقة.
وثبت في الصحيحين في حديث الإفك، عن عائشة أنها قالت: وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عني زينب بنت جحش، وهي التي كانت تساميني من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع، فقالت: يا رسول الله احمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيراً.
عن عُبَيْدَ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: سَمِعتُ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً. فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْرَ! أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ! فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ: (بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ، وَلَنْ أَعُوْدَ لَهُ). فَنَزَلَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ...} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ تَتُوْبَا} -يَعْنِي: حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ-. {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} قَوْلَهَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.
عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً)). قالت: فكنا نتطاول أينا أطول يداً، قالت: فكانت زينب أطولنا يداً، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعُمَرَ: (إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ). قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا الأَوَّاهَةُ؟ قَالَ: (الخَاشِعَةُ، المُتَضَرِّعَةُ)؛ وَ{إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ لَحَلِيْمٌ أَوَّاهٌ مُنِيْبٌ
روى أنه لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش - زوجة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - بالذي يخصها فلما دخل عليها قالت: غفر اللّه لعمر. غيري من أخواتي كان أقوى على قسم هذا مني. فقالوا: هذا كله لك. قالت: سبحان اللّه واستترت منه بثوب. قالت: صبوه واطرحوا عليه ثوباً، ثم قالت لبرزة بنت رافع: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان من أهل رحمها وأيتامها فقسمته حتى بقيت بقية تحت الثوب، فقالت لها برزة: غفر اللّه لك يا أم المؤمنين واللّه لقد كان لنا في هذا حق. فقالت: فلكم ما تحت الثوب. قلت: فكشفنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهماً، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: "اللَّهمَّ لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا" فماتت.

روايتها للحديث .
رويت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد عشر حديثا.
ومما أخرجه البخاري " عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش أن رسول الله دخل عليها يوما فزعا يقول :" لا إله إلا الله ، ويل للعرب ، من شرق اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه – وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها – قالت زينب بنت جحش : فقلت: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: " نعم إذا كثر الخبث."

وفاتها
عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ: قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ حِيْنَ حَضَرَتْهَا الوَفَاةُ: إِنِّي قَدْ أَعْدَدْتُ كَفَنِي؛ فَإِنْ بَعَثَ لِي عُمَرُ بِكَفَنٍ، فَتَصَدَّقُوا بِأَحَدِهِمَا؛ وَإِنِ اسْتَطَعْتُم إِذْ أَدْلَيْتُمُوْنِي أَنْ تَصَدَّقُوا بِحَقْوَتِي، فَافْعَلُوْا.
كانت أوَّل أزواج النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وفاة. : توفيت سنة عشرين، وصلَّى عليها عمر بن الخطَّاب وهي أول من صنع لها النعش ودفنت بالبقيع.

ام المؤمنين مارية القبطية

هدية المقوقس.
لما كانت سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من الحديبية بعث إلى الملوك فبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس.
و ذكر أن المقوقس لما أتاه الكتاب ضمه إلى صدره وقال هذا زمان يخرج فيه النبي الذي نجد نعته في كتاب الله وإنا نجد من نعمته أنه لا يجمع بين أختين وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وأن جلساءه المساكين ثم دعا رجلا عاقلا فلم يجد بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها فبعث بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث بغلة شهباء وحمارا أشهب وثيابا من قباطى مصر وعسلا من عسل بنها وبعث إليه بمال وصدقة.
وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام ورغبها فيه فأسلمت وأسلمت أختها سيرين و لما وصل المدينة قدم الأختين والدابتين والعسل والثياب وأعلمه أن ذلك كله هدية فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية ولما نظر إلى مارية وأختها أعجبتاه وكره أن يجمع بينهما فوهب أختها سيرين لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
وكانت مارية بيضاء جميلة فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في العالية في المال الذي صار يقال له سرية أم إبراهيم وكان يختلف إليها هناك وكان يطؤها بملك اليمين وضرب عليها مع ذلك الحجاب فحملت منه ووضعت هناك في ذي الحجة سنة ثمان.
عن عائشة قالت ما عزت علي امرأة إلا دون ما عزت علي مارية وذلك أنها كانت جميلة جعدة فأعجب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان فكانت جارتنا فكان عامة الليل والنهار عندها حتى فزعنا لها فجزعت فحولها إلى العالية وكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا

أم ابراهيم
في السنة الثامنة من الهجرة فى شهر ذي الحجة ولد إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية، فاشتدت غيره أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولداً ذكراً، وكانت قابلتها فيه سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و بولادة ابراهيم أصبحت مارية حرة.
عن ابن عبَّاس قال: لما ولدت مارية قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (( أعتقها ولدها )) وعاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه و سلم سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه و سلم ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت إبراهيم.

وفاتها.
كان أبو بكر ينفق على مارية حتى مات ثم عمر حتى توفيت في خلافته. ماتت في المحرم سنة ست عشرة فكان عمر يحشر الناس لشهودها وصلى عليها بالبقيع وقال بن منده ماتت مارية بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين.

 

 

أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أمية المخزومية

نسبها
السيدَة، المحَجبَة، الطاهِرَة، هند بِنت أَبِي أميةَ بنِ المغِيرة بنِ عبد الله بنِ عمر بنِ مَخزوم بنِ يَقَظَةَ بنِ مرة المخزومِية.
وكان جدها المغيرة يقال له : زاد الركب ، وذلك لجوده ، حيث كان لا يدع أحدا يسافر معه حامل زاده، بل كان هو الذي يكفيهم.
بِنت عم خالِدِ بنِ الوليد سيف اللهِ؛ وبِنت عم أَبِي جهل بنِ هِشَامٍ.

من المهاجرات الأولِ.
كانت قبل النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند أخيه من الرضاعة؛ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ المخزومى، الرجلِ الصالح.
و كانت من أجمل النساء و أشرفهن نسباً، و كانت آخر من مات من أمهات المؤمنين.

زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية متزوجة بأبي سلمة - وهو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي - فولدت له أربعة أولاد، وقد جرح في معركة " أُحد " فداوى جرحه شهراً حتى برئ، ثم خرج في سرية " قطن " فغنم نعماً ومغنماً جيداً وبعد إقامته بقليل انتقض عليه جرحه فمات -رضي الله عنه- وهو صاحب النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- وأخوه من الرضاعة، وهو أول من هاجر إلى الحبشة، ولما انقضت عدتها في شهر شوال عام /4 هـ/، فأرسل لها يخطبها.

عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: بَلَغَنِي أَنهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوْتُ زَوْجُهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثم لَمْ تَزَوَّجْ، إِلاَّ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي الجَنَّةِ، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلاَّ تَزَوَّجَ بَعْدِي، ولاَ أَتَزَوَّجُ بَعْدَكِ.
قَالَ: أَتُطِيْعِيْنَنِي؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: إِذَا مِتُّ تَزَوَّجِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلاً خَيْراً مِنِّي، لاَ يُحْزِنُهَا وَلاَ يُؤْذِيْهَا.
فَلَمَّا مَاتَ, قلت: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَمَا لَبِثت، وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ عَلَى البَابِ فَذَكَرَ الخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيْهَا، أَوِ ابْنِهَا.
فَقَالَتْ: أَرُد عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي.
ثم جَاءَ الغَدُ، فَخَطَبَ.
عن ابْنُ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَن أم سَلَمَةَ لما انقضت عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدته، ثم عُمَرُ، فَرَدته.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً، أَخبر رسول اللهِ أَنِّي غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِداً.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا: (أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيْكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الأَوْلِيَاءُ؛ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُم إِلاَّ سَيَرْضَى بِي).
قَالَتْ: يَا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُوْلَ اللهِ.
عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَتَانِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَنِي، وَبَيْنَنَا حِجَابٌ، فَخَطَبَنِي.
فَقُلْتُ: وَمَا تريدُ إِلَيَّ؟ مَا أَقول هذا إِلاَّ رَغبَةً لَكَ عَنْ نَفسِي؛ إِنِّي امْرَأَةٌ قَدْ أَدْبَرَ مِنْ سِنِّي، وَإِنِّي أُمُّ أَيْتَامٍ، وأنا شديدة الغيرة، وأنت يا رسول اللهِ تَجمَعُ النِّسَاءَ.
قَالَ: (أَمَّا الغيرة فَيُذْهِبُهَا اللهُ، و أما السن فأنا أكبر منك، وأما أيتامك فعلَى اللهِ وَعَلَى رَسُوْلِهِ).
فَأَذِنْتُ، فَتَزَوَّجَنِي.
وكانت تشكو لرسول الله صلى الله عليه و سلم قبل زواجها منه عن فقدها لزوجها، فكان يقول لها: (قولي اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها).
وقالت: ثم إني رجعت إلى نفسي فقلت: من أين لي خير من أبي سلمة؟ فلما تزوجت برسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قلت: فقد أبدلني الله خيراً منه رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم -رضي الله عنها-.‏
ولما بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأم سلمة، قَالَ: (لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ -يَعْنِي: نِسَاءهُ- وَإِنْ شِئتِ ثَلاَثاً، وَدُرْتُ؟).
قَالَتْ: ثَلاَثاً.


عن عائشة، قالت:
لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ، حَزِنْتُ حُزْناً شَدِيْداً؛ لِمَا ذَكَرُوا لَنَا مِنْ جَمَالِهَا، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا، فَرَأَيْتُهَا -وَاللهِ- أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الحُسْنِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ - وَكَانَتَا يَداً وَاحِدَةً -.
فَقَالَتْ: لاَ وَاللهِ، إِنْ هَذِهِ إِلاَّ الغَيْرَةُ، مَا هِيَ كَمَا تَقُوْلِيْنَ، وَإِنَّهَا لَجَمِيْلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ، فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، وَلَكِنِّي كُنْتُ غَيْرَى.

مواقفها
كان لأم سلمه رأي صائب أشارت به على النبى يوم الحديبية، وذلك أن النبي - عليه الصلاة والسلام- لما صالح أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه و بينهم وفرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم حلقوا . فلم يقم منهم رجل بعد أن قال ذلك ثلاث مرات . فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك . فقام - عليه الصلاة و السلام - فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة فنحر بدنته ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا .[ كناية عن سرعة المبادرة في الفعل ].

دورها فى رواية الحديث
روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها الكثير الطيب، إذ تعد ثاني راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ لها جملة أحاديث قدرت حسب كتاب بقي بن مخلد ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثًا (378). اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثًا، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر. ومجموع مروياتها حسب ما ورد في تحفة الأشراف مائة وثمانية وخمسون حديثًا (158).

وفاتها
"كانت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، فوجمت لذلك و غشى عليها و حزنت عليه كثيرا و لم تلبث بعده إلا يسيرًا، وانتقلت إلى الله تعالى سنة (62هـ)، وكانت قد عاشت نحوًا من تسعين سنة "

ام المؤمنين ام حبيبةبنت أبى سفيان

هى أم المؤمنين، السيدة المحجبة، رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف . من بنات عم الرسول( صلى الله عليه وسلم) ليس فى أزواجه من هى أقرب نسباً إليه منها، و لا فى نسائه من هى أكثر صداقاً منها، و لا من تزوج بها و هى نائية الدار أبعد منها. أبوها أبو سفيان، زعيم ورئيس قريش، والذي كان في بداية الدعوة العدو اللدود للرسول الكريم( صلى الله عليه وسلم) وأخوها معاوية بن أبي سفيان، أحد الخلفاء الأمويين، ولمكانة وجلالة منزلة أم حبيبة في دولة أخيها (في الشام) قيل لمعاوية: (خال المؤمنين)

أسلمت ام حبيبة مع زوجها عبيد الله بن جحش فى مكة ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة مع امرأته أُم حبيبة بنت أبي سفيان (رضي الله عنها) فلما قدمها تنصر وفارق الإسلام حتى مات هنالك نصرانياً. روى عن أُم حبيبة قالت: رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة وأشوهه، ففَزِعت فقلت: تغيرت والله حاله. فإذا هو يقول حين أصبح: يا أُم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أرى ديناً خيراً من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد ثم رجعت إلى النصرانية. فقلت: والله ما خير لك، وأخبرتُه بالرؤيا التي رأيت له، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات.‏

ثم رأت في منامها أن هناك منادياً يناديها بأم المؤمنين، فأولت أم حبيبة بأن الرسول سوف يتزوجها.

تروى أم حبيبة تقول: ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي، جارية يقال لها أبرهة كانت تقوم على ثيابه ووهنه، فاستأذنت علي، فأذنت لها. فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) كتب إلي أن أزوجكه. فقلت: بشرك الله بالخير. وقالت: يقول لك الملك وكلي من يزوجك. قالت: فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته، وأعطيت أبرهة سوارين من فضة، وخذمتين من فضة كانتا علي، وخواتيم من فضة في كل أصابع رجلي سروراً بما بشرتني به.

فلما أن كان من العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب، ومن كان هناك من المسلمين أن يحضروا. وخطب النجاشي وقال: الحمد لله الملك القدوس المؤمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، أما بعد: فإن رسول الله( صلى الله عليه وسلم) طلب أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وقد أصدقها أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم.

فتكلم خالد بن سعيد فقال: الحمد لله أحمده وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله( صلى الله عليه وسلم) ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها.

ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا.

فكان هذا الزواج الكريم نقطة تحول في حياة زعيم الشرك والوثنية في قريش أبي سفيان، ولما بلغه خبر الزواج وأن رسول الله قد غدا صهره لم يتمالك نفسه أن قال: (هو الفحل لا يجدع أنفه) وذلك على عادته في الفخر والتعالي.

وحينما نقض المشركون في مكة صلح الحديبية، خافوا من انتقام الرسول( صلى الله عليه وسلم) فأرسلوا أبا سفيان إلى المدينة لعله ينجح في إقناع الرسول بتجديد الصلح ، حتى قدم على رسول الله( صلى الله عليه وسلم) المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله( صلى الله عليه وسلم) طوته عنه. فقال : يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ قالت : بل هو فراش رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وأنت رجل مشرك نجس ، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قال : والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر .

و هذا يبين مدى تمسكها بدينها و أن رابطة الدين عندها أقوى من رابطة الدم حتى و لو كان أباها.

عن عوف بن الحارث، قال: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر. فقلت: يغفر الله لي ولك ما كان من ذلك كله، وتجاوزت وحاللتك. فقالت: سررتيني سرك الله وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك.‏

روت أم حبيبة(رضي الله عنها)عدة أحاديث عن الرسول( صلى الله عليه وسلم) بلغ مجموعها خمسة وستين حديثاً، وقد اتفق لها البخاري ومسلم على حديثين. ولأم حبيبة( رضي الله عنها) حديث مشهور في تحريم الربيبة وأخت المرأة. ‏فعن ‏ ‏زينب بنت أم سلمة ‏ ‏عن ‏ ‏أم حبيبة بنت أبي سفيان ‏ ‏قالت ‏ ‏دخل علي رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقلت له هل لك في ‏ ‏أختي ‏ ‏بنت ‏ ‏أبي سفيان ‏ ‏فقال أفعل ماذا قلت تنكحها قال ‏ ‏أو تحبين ذلك قلت لست لك ‏ ‏بمخلية ‏ ‏وأحب من شركني في الخير أختي قال فإنها لا تحل لي قلت فإني أخبرت أنك تخطب ‏ ‏درة بنت أبي سلمة ‏ ‏قال بنت ‏ ‏أم سلمة ‏ ‏قلت نعم قال ‏ ‏لو أنها لم تكن ‏ ‏ربيبتي ‏ ‏في ‏ ‏حجري ‏ ‏ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ‏ ‏ثويبة ‏ ‏فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.

توفيت أم المؤمنين ( رضي الله عنها) سنة 44 بعد الهجرة، ودفنت في البقيع. رضى الله عن آل البيت جميعآ.

 

أم المؤمنين صفية بِنت حيَيِّ بنِ أخطب

هى أم المؤمنين صفية بِنت حيَيِّ بنِ أخطب بنِ سعية، أم المؤمنين. من سبط اللاَّوِي بن نبى الله اسرائيل بن إسحاق بن ابراهيم(عليهم السلام)ثم من ذرية نبى الله هارون (عليه السلام)

و حيي بن أخطب كان يومئذ سيد اليهود، وهو من بني النضير. تروى أم المؤمنين صفية بنت حيي تقول: لم يكن أحد من أبي وعمي أحب إليهما مني، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قباء ( قرية بني عمرو بن عوف) غدا إليه أبي وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، فوالله ما جاآنا إلا مع مغيب الشمس.

فجاأنا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟

قال: نعم والله . قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال نعم والله . قال: فماذا في نفسك منه؟

قال: عداوته والله ما بقيت. و قد تزوجها قبل اسلامها : سلاَم بن أَبِي الحقيقِ، ثم خلف عليها: كنَانَة بن أَبِي الحقيقِ، وكانا من شعراء اليهود.

لما أجلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) يهود بني النضير من المدينة ، فذهب عامتهم إلى خيبر، وفيهم حيي بن أخطب، وبنو أبي الحقيق، وكانوا ذوى أموال وشرف في قومهم، وكانت صفية أن ذاك طفلة دون البلوغ.

ثم لما تأهلت للتزويج تزوجها سلام بن أبى حقيق ثم خلف عليها كنانة بن أبى حقيق، فلما زفت إليه وأدخلت إليه بنى بها، ومضى على ذلك ليالي، رأت في منامها كأن قمر السماء قد سقط في حجرها، فقصت رؤياها على ابن عمها فلطم وجهها وقال: أتتمنين ملك يثرب أن يصير بعلك، فما كان إلا مجيء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحصاره إياهم، فكانت صفية في جملة السبي وقد قتل زوجها وكانت عروساً.

عن أنس بن مالك قال: جمع السبي( يعني: بخيبر) فجاء دحية فقال: يا رسول الله أعطني جارية من السبي، قال (اذهب فخذ جارية) فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فقال: يا نبي الله أعطيت دحية، قال يعقوب: صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك.

قال: (ادعوا بها) فلما نظر إليها النبي( صلى الله عليه وسلم) قال: (خذ جارية من السبي غيرها) وإن رسول الله( صلى الله عليه وسلم )أعتقها وتزوجها.

فاشتراها رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بسبعة أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها.

أقام رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يُبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالاً بالأنطاع فبسطت، فألقي عليها التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أوما ملكت يمينه؟

فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. فلما ارتحل وطأ لها خلفه، ومد الحجاب.

يروى أنس يقول : ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يحوي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب.

وأخرج بن سعد عن الواقدي بأسانيد له في قصة خيبر قال:

لم يخرج الرسول( صلى الله عليه و سلم) من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها فأبت عليه فوجد في نفسه فلما كان بالصهباء وهي على بريد من خيبر نزل بها هناك فمشطتها أم سليم وعطرتها قالت أم سنان الأسلمية وكانت من أضوأ ما يكون من النساء فدخل على أهله فلما أصبح سألتها عما قال لها.

فقالت قال لي ما حملك على الإمتناع من النزول أولا. فقلت خشيت عليك من قرب اليهود فزادها ذلك عنده.

عن عطاء بن يسار قال لما قدمت صفية من خيبر أنزلت في بيت لحارثة بن النعمان فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها وجاءت عائشة متنقبة فلما خرجت خرج النبي( صلى الله عليه وسلم) على أثرها.

فقال كيف رأيت يا عائشة؟

قالت رأيت يهودية. فقال لا تقولي ذلك فإنها أسلمت وحسن إسلامها. عن كنانة مولى صفية أن صفية( رضى الله عنها) قالت :

دخل على النبي( صلى الله عليه وسلم) وقد بلغني عن عائشة وحفصة كلام فذكرت له ذلك فقال ألا قلت وكيف تكونان خيرا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى وكان بلغها أنهما قالتا نحن أكرم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منها نحن أزواجه وبنات عمه

عن صفية بنت حيى : أن النبى( صلى الله عليه و سلم) حج بنسائه، فبرك بصفية جملها؛ فبكتو جاء رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) لما أخبروه فجعل يمسح دموعها بيده وهى تبكى وهو ينهاها.

فنزل رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) بالناس؛ فلما كان عند الرَّوَاحِ. قال لزينب بنت جحش: (أَفْقِرِي أُخْتَكِ جَمَلاً) و كانت من أكثرهن ظهرا. فقالت: أَنَا أُفْقِرُ يَهُوْدِيَّتَكَ.

فغضب( صلى الله عليه و سلم) فلم يكلمها حتى رجع الى المدينة، ومحرم، وصفر، فلم يأتها، ولم يقسم لها، و يئست منه. فلما كان ربيع الأول دخل عليها، فلما رأَته، قالت : يا رسول الله ما أصنع؟ قال : و كانت لها جارية تَخْبَؤُهَا من رسول الله فقالت هى لك.

قَال: فمشى النبِي (صلى الله علَيه وسلم) إِلَى سريرها، وكَان قَد رُفع، فوضعه بِيده، ورضي عن أهله. عن زيد بن أسلم قال اجتمع نساء النبي( صلى الله عليه وسلم) في مرضه الذي توفى فيه واجتمع إليه نساؤه فقالت صفية بنت حيي إني والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي فغمزن أزواجه ببصرهن فقال مضمضن فقلن من أي شيء فقال من تغامزكن بها والله إنها لصادقة.

كانت صفية عاقلة حليمة فاضلة روت أحاديث عن رسول الله( صلى الله عليه و سلم) ويروى أن جارية لها أتت عمر فقالت إن صفية تحب السبت وتصل اليهود. فبعث إليها فسألها عن ذلك فقالت أما السبت فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة وأما اليهود فإن لي فيهم رحما فأنا أصلها.

ثم قالت للجارية ما حملك على هذا؟ قالت الشيطان. قالت اذهبي فأنت حرة.

عن كنانة مولى صفية قال قدمت بصفية بغلة لترد عن عثمان فلقينا الأشتر فضرب وجه البغلة فقالت ردوني لا يفضحني قال ثم وضعت خشبا بين منزلها ومنزل عثمان فكانت تنقل إليه الطعام والماء.

توفيت أم المؤمنين صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية وقبرها بالبقيع. رضى الله تعالى عنهاوأرضاها.

مشاركة
Banner

chalhaoui

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف

أضف تعليق:

0 comments: