كيف نربي أطفالنا على الصيام؟
تهاني السالم
تربية الأطفال قضية مهمة، ولا بد من
اقتناص الفرص والمواسم لتعليم الأطفال الأمورَ التربوية بطريقة
عملية، ولعل حلول شهر رمضان المُبارك فرصة للأهل لاستثمارها في
تربية الطفل على أهمية هذا الشهر وروحانيته وتبيان مكانته في
النفوس، وكونه شهرًا يتظلل فيه الناس بروائع المناجاة في السحر
وتراتيل التراويح وخشوع القلوب وترابط الأسر المسلمة فيما بينهم،
وكثير من الأسر المسلمة تحرص على تربية الأطفال وتعويدهم الصيام.
المستويات المنطقية بدايةً يتحدث إلينا د. أسامة صالح حريري "عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام في جامعة أم القرى" قائلا: إن المنطلق الذي أتحرك من خلاله في هذا الحوار، وأي قضية إنسانية هو نموذج (المستويات المنطقية)، الذي يعطي تصورًا في عناصر ومراحل التحرك في أي قضية إنسانية، عبر خمسة عناصر أو مراحل، كأنها خمسة مستويات يقود بعضها إلى البعض الآخر. وبرفقة هذا الحوار شريحة توضح النموذج وسأشرح المراحل باختصار: 1- الهوية،
2- القيم،
3- القدرة،
4- السلوك،
5-
البيئة.
القدرة على الصيام ثم يُضيف د. أسامة حريري فيقول: إن المستوى الذي نسعى أن نصل إليه في هذا الحوار هو (القدرة) على الصيام بطريقة صحيحة. ومن منظور هذا النموذج يتضح أن أكبر خطأ في التربية أن نجعل الطفل يقلد (السلوك) الصادر من (البيئة) بهدف أن يقتبس (القدرة)، دون أن يعرف (القيم) التي تحرك هذه (القدرة). ومع أهمية (السلوك) في التربية بالقدوة، إلا أن الأهم أن ينبعث هذا (السلوك) من (القيم) الخاصة (بالقدرة)، (فلكل قدرة قيم)، بل إن (القيم هي منبع القدرات). ثم يأتي (السلوك) ليكون هو "الوسيلة" التي يتم بها تنفيذ (القيمة). مثال ذلك أن يشعر أحدنا (بقيمة) الحفاظ على الجسد، فيقوم (سلوكيًّا) بتناول طعام صحي، فتتحقق (القدرة) في البقاء حيًّا قويًّا، ويكتمل التطوير بأن تكون (البيئة) مساعدة "كنموذج" (للقدرة) التي نريد أن نصل إليها. ويكون التكامل في قمته بأن نستثير (الهوية). كأن أهم قاعدة في التطوير الذاتي هي: (القيم + السلوك = القدرة) وكأن أقوى قاعدة في التطوير الذاتي هي: (الهوية & القيم + البيئة & السلوك = القدرة). ومن هنا تأتي التساؤلات في أي موضوع تطويري: 1- ما معنى (هوية القدرة) التي نسعى لتكوينها؟ 2- ما معنى (قيم القدرة) التي نسعى لتكوينها؟ 3- ما معنى (بيئة القدرة) التي نسعى لتكوينها؟ 4- ما معنى (سلوكيات القدرة) التي نسعى لتكوينها؟ مناقشة القيم مع الطفل ثم يؤكد د. حريري أن الأطفال يختلفون بحسب الفئة العمرية ويقول: يعتمد هذا الخيار على صحة الطفل وطاقته النفسية والصحية. ولكن من الممكن أن نبدأ بالطفل وإن كان عمره 3 سنوات في تقليد سلوك الصيام لمدة ساعات محدودة، حيث يرى الطفل أبويه يصومان. إذ الأبوان هما (البيئة). ثم يطلب الوالدان من الطفل أن يبدأ الصوم، ولكن لمدة ساعات قليلة. ويتم زيادة الجرعة الزمنية بحسب "طلب" وحماسة الطفل، على ألا تصل الجرعة إلى كامل اليوم. والمهم أنه في أثناء هذا التدريب السلوكي أن يتم بث (قيم) ما يفعل الطفل من (سلوك) من محبة الله لهذا السلوك، ومن أهمية التدريب على القوة عبر المقاومة والصبر، وهكذا في نقاش ميسر لقيم الصيام الصحية والنفسية والدينية. والأفضل أن يتم نقاش هذه (القيم) بطريقة غير مباشرة، كأن يكون الحوار بين أفراد العائلة في حضور الطفل. وهكذا يكون حوار الوالدين الميسر لقيم الصيام صيدًا عصفورين بحجر، إذ يكونون هم القدوة والبيئة للطفل، إذ يرى النموذج المثالي للقدرة المطلوبة (البيئة). وفي الوقت نفسه تم نقش (قيمة القدرة). وبالتدريج يتم التعود (سلوكيا) حتى يتم صقل (القدرة). للوالدين أجر ثم يوضح د. حريري أن للوالدين أجرًا عند الله لهذه التربية الإيمانية للطفل بقوله: للوالدين أجر في ذلك. ويتعود الطفل (سلوكيا) بالتدريج على اكتساب (القدرة) المطلوبة, والصيام مثله مثل أي قدرة يحتاج "للتدريب" السلوكي. تهيئة الأطفال للعبادة ومن جهة أخرى ابتدأ م. حمد محمد المعطاني "المهتم بالتنمية البشرية والنظم الإدارية" حديثه بشكر لموقع الألوكة ثم وضّح أهمية تربية الأطفال على الصوم بقوله: "مما لاشك فيه أيها الإخوة والأخوات أن من أهم العوامل التي تساعد النشء وترغبهم في القيام بتعاليم وواجبات هذا الدين وجودَ برامج تعويد -إن صح التعبير- وبرامج تهيئة لهم ليكونوا مستعدين للقيام به والشعور بأهميته عند بلوغهم حد التكليف، ولقد ورد ذلك عن معلم البشرية وإمام المرسلين حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند حديثه عن تعويد الصغار إقامة الصلاة وأدائها، فقال صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر... الحديث)، الشاهد هنا في حديث المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه هو مبدأ التعويد، وهو (الأمر) بالفعل من سن مبكرة وهي السابعة، ومنه يتبين لنا أنه لا بد من تهيئة وتدرج في الأمر حتى تعتاده النفوس وتشعر بقيمته، ثم يكون العقاب لها عند تفريطها، وقس على ذلك بقية الفرائض كالصيام والحج، التي تحتاج في البداية إلى تحبيب وتعويد وحث وترغيب حتى تستقيم وتعتادها نفوسهم وتألف القيام بها دون تعب أو ملل". ثلاث مراحل تدريبية: ويُضيف م. المعطاني موضحًا السن المُناسبة لتربية الطفل على الصيام فيقول: "في ظني أن سن السابعة هي السن الممكن أن يُبدأ بها لتعويد الطفل القيام بالفرائض ومنها الصيام، إذ يحتاج الأمر هنا إلى إدراك ولو يسير لمعنى الصيام ذاته أي بالإمكان أن يدرك الطفل معنى الصيام من خلال شرح مفهوم الصيام بشكل ميسر جدًا له وأنه عبادة لله وفيه يمتنع الفرد عن الأكل والشرب من الفجر إلى غروب الشمس، وفي ظني أن الطفل في هذه السن يستطيع أن يصوم ويشجع على ذلك ولو لمدة محددة (إلى الصباح مثلا أو من الصباح إلى الظهر وليس شرطًا أن نجعله يصوم كل النهار، فجزء منه يكفي، ويتدرج في ذلك حسب طاقة الطفل، ولعل هذا يقودنا إلى تساؤل آخر وهو : ما المراحل التدريبية لتعود الصيام؟ فيمكن أن نقسم هذه المراحل إلى ثلاث مراحل، وهي قابلة للزيادة حسب رؤية كل شخص للموضوع: المرحلة الأولى: مرحلة يتم فيها تشجيعه فقط وجعله يشاهد الفعل من خلال أسرته وإخوته بالبيت ممن هم قبله في الترتيب لكي يحاكيهم إن استطاع في القيام بالصيام مثلهم، ولا يمنع من الطعام إن طلبه، وهذه المرحلة لمن هم في سن السابعة والثامنة. المرحلة الثانية: مرحلة يتم فيها التشجيع والحث على الصيام ويكافأ على ذلك . ويشجع من خلال إيقاظه قدر الاستطاعة ليتناول وجبة السحور مع الأسرة ويشجع على الصيام خلال اليوم كالصباح مثلا، وفيها يؤخر عنه الطعام ويعلل بألعاب أو مشاهدة برامج الأطفال، ثم يقدم له الطعام قبيل الظهر أو في الظهر ويثنى عليه أمام إخوته أنه صام طوال هذه المدة؛ لأن ذلك سيشجعه أكثر على الصيام في اليوم التالي، وربما تشجع لتطول المدة أكثر مع ملاحظة أن لا يشد عليه وأن لا يترك بغير طعام؛ لأنه لا يستطيع أن يصبر وربما ضره ذلك. وهذه المرحلة لمن هم في سن التاسعة والعاشرة. المرحلة الثالثة: مرحلة يتم فيها الحث والترغيب واستخدام أسلوب المكافأة لمن قام بالصيام دون غيره حتى يتشجع الباقون، وفيها يحرم من لم يصم من المكافأة، وهذه المرحلة يتم فيها ما يتم فيما قبلها مع ملاحظة أنه يعاقب فيها المقصر بعقاب يتناسب مع عمر الطفل وملاحظة أنه دون سن التكليف، ولكن لضرورة أن يعتاد العبادة ويستشعر أن الثواب مقابل الفعل والعقاب مقابل الترك، وهذه المرحلة لمن هم فوق العاشرة إلى ما دون سن التكليف". العاشرة للتعويد! ومن ناحية أخرى تُشارك الأستاذة أم فيصل العيسى "مديرة دار الإمام محمد بن سعود لتحفيظ القرآن الكريم للبنات" برأيها فتقول: "من خلال تجربتي وجدت أن أفضل سن يُعود فيه الطفل على الصيام هو سن العاشرة؛ إذ يؤمر بالصلاة ويعود الصيام، وهناك عدة مراحل لتدريب الطفل على الصيام: 1- أن يعرف الطفل أن الصيام عبادة لله، وأنه ركن من أركان الإسلام، ولن يتم إسلامه إلا بتمام هذه الأركان. 2- علمي طفلك ما معنى الصوم وما مبطلاته وما أجره وما فضائله ليكن حافزًا له. 3- التدرج الزمني في مدة الصيام؛ إذ يصوم الطفل في البداية ربع يوم الصوم ثم النصف وهكذا مع التشجيع والتحفيز الدنيوي والأخروي". القصص لتربية الطفل على الصوم وتشاركنا أم فيصل الصقور "المدربة المعتمدة في برامج التعلم السريع" برأيها حول السن المناسبة لتعويد الطفل على الصوم فتقول: "السن المناسبة أعتقد ابتداءً من السابعة والثامنة، ولا بد من تشجيع الطفل على الصيام ولو نصف اليوم، وتحفيزه بإعطائه بعض الهدايا عند إكماله صيام يوم بأكمله، وتربية الطفل بإلقاء بعض القصص التي تنمي رغبة الصيام لديه وتساعده على ذلك". |
التسميات
- أبو إسحاق الحويني
- أحكام الصلاة
- أصحاب الرسول
- الإسلام
- الايمان
- البيت السعيد
- التربية الاسلامية
- التربية عن طريق.....
- الخلفاء الراشدين
- الدعوة إلى الله
- الرسائل
- الرسول
- الرسول صلى الله عليه وسلم و الحقوق
- السباب
- الصحابةالأجلاء
- الصلاة
- الصلاة المكتوبة
- العقيدة
- القرآن
- اللأمة الأربعة
- المرأة المسلمة
- المرأة في الاسلام
- المسلم الصغير
- تربية الاطفال
- دعوة نسائبة
- زاد الداعية
- صلاة التطوع
- صلاة المواسم
- علم النفس الإسلامي
- عن الرسول
- قصة الرسول
- قصص القرآن
- للنساء فقط
- مع الرسول
- معالم إسلامية
- مقالات دعوية
- مقالات نورانية
- مواضيع القرآن
- نحن و الاولاد
- نصائح للشباب
- islam
- islam-الاسلام
مختارة
الاحدث
أضف تعليق:
0 comments: