موقف أهل مكة من الإسلام
موقف أهل مكة من الإسلام
بعد أن صدع رسول الله
وها هم المسلمون في مكة لم يعلنوا
إسلامهم باستثناء رسول الله
كان هذا هو موقف الرسول
لماذا حاربوا الدعوة ولم ينصروها مع
كون الرسول
وأعتقد أن الجواب على هذا السؤال
الأخير هو: لا على الإطلاق؛ فعلى أقل
تقدير كانت الرسالة واضحة جدًّا، إنما
الصواب هو أنهم كانوا كما قال
فقد كان القرآن الكريم -ولا يزال-
كلامًا معجزًا، وهؤلاء هم أهل اللغة
والبلاغة والفصاحة، أي أنهم يعلمون جيدًا
أن هذا ليس من عند البشر، وقد كانوا على
يقين أن محمدًا
ومما يؤكد هذا الأمر أن أُبيّ بن خلف
كان يقابل الرسول
فأين كان عقلك يا أُبيّ؟! أين كان عقل
الذين سمعوك ولا يزالون يقاتلون النبي
إذن فقد كان أهل مكة يوقنون أن هذا
الذي جاء به
لماذا لم يؤمن أهل مكة ؟! التقاليد والجبن والقبلية في معرض الإجابة على هذا السؤال السابق فقد تعددت موانع الإسلام عند أهل مكة، فكان منهم من منعته التقاليد كأبي طالب، وكان منهم من منعه الجبن كأبي لهب كما ذكرنا، وكان منهم من منعته القبلية. وكان أكثر مَن جسد القبلية أبو جهل، وكان من بني مخزوم، فكان يقول: "تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطْعَموا فأطعمنا وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الرُّكب وكنا كفرسي رهان، قالوا: لنا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا، ولا نصدقه". ذلك التعصب وتلك القبلية أو القومية هي من شيم وصفات الجاهلية، وأعداء الإسلام ما فتئوا يستغلون هذا المدخل، ويشعلون تلك النعرة منذ القديم وإلى الآن وإلى يوم القيامة. فالعامل الذي أسقط به اليهود والإنجليز الدولة العثمانية هو إشعال تلك النعرة، وتفريق المسلمين إلى عرب وأتراك، ومثله الذي دخل به الفرنسيون الجزائر أيضًا كان تفريق المسلمين إلى عرب وبربر، وهو العامل أيضًا الذي فرّق به شاس بن قيس اليهودي بين الأنصار حين أشعل العنصرية في قبيلتي الأوس والخزرج، وهذه كلها من شيم الجاهلية. الكِـبْر
كان من الناس أيضًا من منعه الكبر من
الدخول تحت راية الإسلام، وما أكثر الذين
امتنعوا عن طريق الحق بسبب الكبر، تلك
الصفة التي ظهرت مع بداية قصة الخلق، ومنذ
آدم
والكبر كما عَرّفه رسول الله
وقد جسد القرآن الكريم هذه الصفة في نفوس أهل مكة حين حكى عنهم I قولهم: {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزُّخرف: 31]. يقصدون الوليد بن المغيرة في قرية مكة، وعروة بن مسعود الثقفي في قرية الطائف.
فكانوا يقولون: لو نزل هذا الأمر على
رجل عظيم كمن في هاتين القريتين لكنا آمنا
بهذا الدين، والرسول
وفي آثار وسلبيات هذه الصفة فقد وضح
الله
الخوف على السيادة والحكم كان هذا الأمر أيضًا من الأسباب التي منعت بعضًا من قريش من الدخول في الإسلام، فقد كانوا يظنون أن الإسلام يسلبهم السيادة والحكم في أقوامهم.
فإن رسول الله
الخوف على المصالح المالية كذلك كان هناك من يخاف على مصالحه المالية، فهو في الواقع مستفيد من الوضع الحالي لمكة بحالتها الكافرة الاشتراكية.
فمكة بلد آمن، وهي محط أنظار أهل
الجزيرة العربية، والتجارة فيها على أشد
ما تكون، ولو حارب العرب محمدًا
ثم ماذا لو آمن واحد من كبار التجار خارج مكة؟ ألن يمنع عن مكة الطعام والتجارة؟ وإن مثل هذا ليس ببعيد؛ فقد حدث ذلك بالفعل بعد سنوات حينما أسلم ثمامة بن أثال ملك اليمامة، وكان أن منع الطعام عن مكة، فتأذت بسبب ذلك أذى كثيرًا. إذن كان الخوف على المصالح المالية والشخصية والمصالح التجارية، سببًا رئيسيًّا لعدم قبول بعض المشركين بفكرة الإسلام. الخوف على الشهوات والملذات ومثل سابقه فقد كان هناك أيضًا من أهل مكة من يخاف على شهواته وملذاته من أن تُجرّم أفعالها، أو يقضى عليها. فالإسلام دعوة إصلاحية تدعو إلى الفضيلة ومكارم الأخلاق والبعد عن المعاصي والذنوب، وأهل الباطل لا يريدون قيودًا أو حواجز بينهم وما تهفو نفوسهم إليه، ومن ثَمَّ فإن الدعوات التي تمنع الزنا والإباحية والظلم والفساد لا بد أن تحارب، وعلى قدر انغماس الرجل في شهواته وملذاته على قدر ما يكون حربه للإسلام. الغباء وانغلاق الفكر وقف الغباء أيضًا وعدم إعمال الفكر والعقل حاجزًا وسدًّا منيعًا لدى البعض من أهل مكة من أن يدخلوا في الإسلام.
فقد اعتاد مثل هؤلاء الاعتقاد بأن
الآلهة متعددة، فحين يأتي رجل بعد ذلك
ليخبرهم أن الله
لكن العجيب حقًّا هو أن يعتقد إنسان -أي إنسان- أن في الكون أكثر من إله، يقول I: {مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91]. وقال أيضًا: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22]. فكان من الغريب حقًّا أمر هؤلاء الكفار، فقد كانوا يسمعون الحق وكأنهم لا يسمعون، وكما حكى عنهم القرآن الكريم: {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} [الأعراف: 179].
وقد وصل بهم الأمر إلى أن يناقضوا
أنفسهم وعقولهم في قضية وحدانية الخالق
فإذا كان الله
ومن هذه الفئة كان هناك في مكة من منعه
غباؤه عن استيعاب فكرة أن الله
كذلك كان هناك من الناس من منعه غباؤه
أيضًا عن استيعاب فكرة البعث واليوم
الآخر، ذلك الأمر الجديد الذي لم يخطر
ببالهم، فقد كانوا يقيسون الأمور بأبعادها
المحدودة المادية والملموسة، ولو أدركوا
قدرة الله
فقد جاء العاص بن وائل (وفي رواية:
أبيّ بن خلف) إلى رسول الله
ثم نزلت الآيات تخاطب العقول: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ} [يس: 77- 81]. وهذه حقيقة؛ يقول تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [غافر: 57]. فالذي خلق السموات والأرض قادر على خلق الإنسان، ثم يكمل ذلك I مؤكدًا فيقول: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82، 83].
بل إن من الناس من أهل مكة من كان شديد
الغباء حتى اعترض على القرآن الكريم نفسه،
والقرآن الكريم كلام الله
وقد كان العرب في زمان رسول الله
فقد وصفوا القرآن بأنه شعر، وبأنه سحر وبأنه كهانة وغير ذلك من الصفات كذبًا وافتراءً. ومن هنا فقد كانت هذه وغيرها موانع وقفت حائلاً أمام أهل مكة من أن يدخلوا في الدين الإسلامي العظيم، وهم لم يكتفوا بذلك، بل بدءوا يخططون ويدبرون للكيد لهذا الدين، وهي سنة ماضية إلى يوم القيامة، الحرب بين الحق والباطل {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]. فالدعوات الإصلاحية الصحيحة لا بد أن تحارب، ولا بد أن يجتمع عليها أهل الباطل، قد تؤجل المعركة ولكن لا بد لها من حدوث، قد تأخذ صورًا مختلفة ولكن لا بد في النهاية من أن تقع.
ومن هنا فقد بدأ الكفار في الكيد لرسول
الله
|
التسميات
- أبو إسحاق الحويني
- أحكام الصلاة
- أصحاب الرسول
- الإسلام
- الايمان
- البيت السعيد
- التربية الاسلامية
- التربية عن طريق.....
- الخلفاء الراشدين
- الدعوة إلى الله
- الرسائل
- الرسول
- الرسول صلى الله عليه وسلم و الحقوق
- السباب
- الصحابةالأجلاء
- الصلاة
- الصلاة المكتوبة
- العقيدة
- القرآن
- اللأمة الأربعة
- المرأة المسلمة
- المرأة في الاسلام
- المسلم الصغير
- تربية الاطفال
- دعوة نسائبة
- زاد الداعية
- صلاة التطوع
- صلاة المواسم
- علم النفس الإسلامي
- عن الرسول
- قصة الرسول
- قصص القرآن
- للنساء فقط
- مع الرسول
- معالم إسلامية
- مقالات دعوية
- مقالات نورانية
- مواضيع القرآن
- نحن و الاولاد
- نصائح للشباب
- islam
- islam-الاسلام
مختارة
الاحدث
صلاة التراويح .. فضلها وأحكامها
chalhaoui May 03 2019ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم
chalhaoui May 02 2019سلسلة وقفات مع أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم
chalhaoui May 02 2019سلسلة شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
chalhaoui May 02 2019سلسلة حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
chalhaoui May 02 2019
أضف تعليق:
0 comments: