Navigation

الحجاب لغة وشرعاً



بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ [الإسراء:111] وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ [المؤمنون:91]، الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره، ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد ألا إياه ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [لقمان:30]. وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضد له، وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو جبار السماوات والأرض، فلا راد لحكمه ولا معقب لقضائه وأمره، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:120].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة عن هذه الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وعبد ربه حتى لبى داعيه، وجاهد في سبيل ربه حتى أجاب مناديه، وعاش طوال أيامه ولياليه يمشي على شوك الأسى، ويخطو على جمر الكيد والعنت، يلتمس الطريق لهداية الضالين وإرشاد الحائرين، حتى علم الجاهل، وقوم المعوج، وأمن الخائف، وطمأن القلق، ونشر أضواء الحق والخير والتوحيد، كما تنشر الشمس ضياءها في رابعة النهار، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فمرحباً بكم أحبتي في الله، ومع الدرس الخامس من دروس سورة الستر والعفاف..
سورة النور، وما زلنا بفضل الله جل وعلا نتحدث عن الضمانات الوقائية التي وضعها الإسلام العظيم، حمايةً لأفراده من الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله، ولقد تكلمنا في اللقاء الماضي عن الضمان الثاني، ألا وهو تحريم التبرج وفرض الحجاب، وقلنا: إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع طاهر نظيف، لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تستثار فيه دوافع اللحم والدم في كل حين؛ لأن عمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، واللحم العاري، والزينة المتبرجة، والرائحة المؤثرة، والنظرة المعبرة، والمشية المتكسرة، كلها من الأشياء التي تثير الشهوة، وتؤجج نار الفتنة والهوى. ومن هنا حرم الإسلام التبرج، وفرض الحجاب على المرأة المسلمة. ينبغي أن تعلم المسلمة وأن يعلم الناس جميعاً أن الإسلام ما فرض هذه الضوابط على المرأة المسلمة في ملبسها وزينتها وعلاقتها بالرجال إلا لصيانتها وحمايتها من عبث العابثين، ومجون الماجنين؛ لتكون المرأة المسلمة كالدرة المصونة، وكاللؤلؤة المكنونة التي لا تصل إليها الأيدي الآثمة. تكلمنا في اللقاء الماضي عن التبرج وعن مظاهره وعن خطورته، ولقاؤنا اليوم عن الشق الثاني من الضمان الثاني، ألا وهو فرض الحجاب على المرأة المسلمة. وحتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا فسوف أركز الحديث مع حضراتكم في أربعة عناصر: أولاً: الحجاب لغةً وشرعاً. ثانياً: الأدلة الشرعية من القرآن والسنة على وجوب الحجاب. ثالثاً: شروط الحجاب الشرعي. رابعاً: شبهات، والرد عليها. نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا الصواب والإخلاص والتوفيق. أولاً: الحجاب لغةً وشرعاً: الحجاب: جمع حجب، ومعناه لغةً: يدور بين الستر والمنع؛ لذا يقال للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما، ولذا يقال لحجاب المرأة: حجاب، وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يستر المرأة عن الرؤية، ويمنع الرجال أن ينظروا إلى المرأة.
 
لفظة الحجاب في القرآن الكريم
وردت لفظة الحجاب في القرآن في ثمانية مواضع، وكلها تدور حول معنى الستر وحول معنى المنع: قال الله جل وعلا في سورة الأعراف: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [الأعراف:46] أي: بينهما سور أو حاجز يمنع الرؤية. وقال الله جل وعلا: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32] أي: حتى منعت هذه الخيول من الرؤية وأصبحت لا ترى. وقال الله جل وعلا: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابَاً [مريم:17] أي: استترت مريم عليها السلام بستار عن أعين الرجال. وقال الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أي: من وراء ساتر أو حاجز أو حائل يمنع من رؤيتهن. إذاً: فالحجاب يدور بين معنى الستر والمنع، فيُفهم المعنى الشرعي من هذه المعاني اللغوية لحجاب المرأة المسلمة؛ لأنه الذي يحجب المرأة المسلمة عن نظر الرجال الأجانب، وله صور متعددة: صورة الأبدان، وصورة الوجوه.
أي: حجاب الأبدان، وحجاب الوجوه. للمرأة أن تحتجب عن الرجال الأجانب ببيتها..
بجدران البيت..
بالستائر السميكة في داخل البيت. وللمرأة إذا خرجت أن تحتجب بثيابها، من رأسها إلى قدمها إذا ما خرجت من بيتها لحاجة ضرورية، لحاجة دينية أو لحاجة دنيوية، وهذا جائز في حقها، ولا إثم عليها لكن بشرط لبس الحجاب الشرعي مع تغطية الوجه بالخمار أو النقاب، وهذا هو ما يسميه علماؤنا بحجاب الوجوه، وهو الخمار.
 
  معنى الخمار
يوجد خلط بين هذه المعاني عند كثير من الناس، فالخمار عندنا يُراد به الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها، ويظهر منها الوجه، وهذا خطأ لغوي، وهذا أيضاً يطلق على الحجاب عندنا، وقد ذكره بعض أهل العلم في كتبهم، قالوا: الحجاب هو: الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها ويظهر منها الوجه، وهذا خطأ لغوي، فانتبهوا معي لنتعرف على معنى الخمار، وعلى معنى النقاب حتى نضع النقط على الحروف من بداية هذا اللقاء. الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها. من أين هذا الكلام؟! من كتاب الله جل وعلا، ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم رحمة الله. يقول الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] قال الحافظ ابن حجر إمام أهل الحديث رحمه الله تعالى في الفتح: في تعريف الخمر: ومنه خمار المرأة، وهو الذي تخمِّر به المرأة وجهها.
أي: تغطي به المرأة وجهها. وأعظم دليل على صحة هذا الكلام: ما ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها؛ وهل تريدون دليلاً أوضح من هذا؟! هل تريدون دليلاً أوضح من دليلٍ ورد في حديثٍ رواه البخاري و مسلم من حديث أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟! أتدرون ماذا قالت أمنا رضي الله عنها في حادثة الإفك؟! ذكرت السيدة عائشة أنها لما تخلفت عن الجيش ونامت جاء صفوان فوقعت عينه عليها، وكان صفوان بن المعطل يعرف السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأنه كان قد رآها مراراً قبل نزول آية الحجاب، فلما رآها صفوان وعرفها استرجع، أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رأى زوج نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم تخلفت عن الجيش فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول عائشة : (فلما رآني عرفني، وكان يعرفني قبل الحجاب، فلما رآني استرجع -أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون- تقول عائشة رضي الله عنها: فاستيقظت باسترجاعه -أي: صحت سيدتنا عائشة على قولته: إنا لله وإنا إليه راجعون- اسمع ماذا قالت أمنا رضي الله عنها! قالت: فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي) (فخمرت وجهي بجلبابي) هذا هو معنى الخمار في حديث في الصحيحين، فماذا تريدون بعد ذلك من أدلة؟ قالت: (فخمرت وجهي بجلبابي.
وفي رواية: فسترت وجهي بجلبابي). ويؤكد ذلك أيضاً حديث فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها تقول: كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها.
وحديثها رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه الحاكم في المستدرك وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين البخاري و مسلم ولم يخرجاه، وأقره الإمام الذهبي . إذاً: الخمار هو: ما تخمر به المرأة وجهها، أي: ما تغطي به المرأة وجهها.
 
  معنى النقاب   
النقاب هو: حجاب من وجوهٍ أيضاً، وسمي النقاب بالنقاب لوجود نقبين بمحاذاة العينين، لتتعرف المرأة من خلال هذين النقبين على الطريق. ولكن ينبغي أن أنبه هنا إلى أمر خطير، ألا وهو أن بعض المسلمات اللائي يلبسن النقاب قد حولنه هو الآخر إلى مصدر فتنة وإغواء وإغراء! كيف ذلك؟ وسعت المرأة فتحة العين على وجهها فظهر من خلال هذه الفتحة حاجبها، وظهر جزء كبير من وجنتيها، وهذه هي الفتنة بعينها، وليس معنى أن كثيراً من النساء قد حولن النقاب إلى مصدر فتنة وإغراء وإغواء أن نقول بعدم شرعية النقاب، فليس معنى أن يختل المسلمون في تطبيق أمر أو في تطبيق جزء شرعي أن نلغي هذا الجزء، وإنما ينبغي أن يؤمر المسلمون بأن يردوا هذا الأمر إلى ما أراده الله وإلى ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب على المرأة التي انتقبت أن تظهر الفتحة لعينها على قدر الرؤية لتتعرف من خلالها على الطريق، أما أن تتفنن في أن تظهر جمال عينها وقد امتلأت كحلاً، وامتلأت جمالاً وفتنة وتأثيراً، وظهر حاجبها، وظهر جزء كبير من وجنتيها، وتدعي أنها منتقبة، فإما أنها خادعة أو مخدوعة، فينبغي أن تتوب وأن ترجع إلى الله جل وعلا وأن تتقي الله، وأن تعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. هذا هو الخمار، وهذا هو النقاب، وهذا هو معنى الحجاب. إذاً: هناك حجاب للأبدان وللوجوه معاً: من وراء ستارة سميكة، أو من وراء جدار، كما قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أو إذا خرجت المرأة من بيتها لحاجة دينية أو دنيوية فعليها أن تلبس الثياب من رأسها إلى قدمها، وأن تغطي وجهها بالخمار أو النقاب، بالشروط والضوابط التي أشرت إليها آنفاً.
مشاركة
Banner

chalhaoui

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف

أضف تعليق:

0 comments: