الحمد لله المذكور بكل لسان المشكور على كل إحسان خلق الخلق ليعبدوه
وأظهر لهم آياته ليعرفوه ويسر لهم طرق الوصول إليه ليصلوه فهو ذو الفضل العظيم
والخير الواسع العميم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم
تسليما
أما بعد
فيا أيها الناس (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً)(الأحزاب: من
الآية41) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:42) كونوا من أولي الألباب
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ )(آل
عمران: من الآية191) كونوا من (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ
بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) وتنفرج
الكروب وبذكر الله يحصل النصر ويثبت الله القلب في مواطن الفزع ولهذا قال الله عز
وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا
وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأنفال:45) إن ذكر الإنسان
لربه يملأ قلبه سرورا ويكسوا وجهه نورا ويذكره الله تعالى به يقول الله تعالى في
كتابه العزيز (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)
(البقرة:152) ويقول تعالى في الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه
أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني
في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم سبق المفردون قالوا
وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا وقال النبي صلى الله عليه وسلم
مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت فذاكر الله حي ومن لا يذكر
الله ميت وسئل النبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله قال
من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر
كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلقن الميت هذه الكلمة
عند موته فقال صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ولهذا ينبغي لمن
حضر جنازة أن يقول للمحتضر أن يقول له لا إله إلا الله يذكره بذلك فإن لم ينتبه ولم
يخش عليه فتنة فإنه يقول له قل لا إله إلا الله فإن خشي عليه الفتنة أن يقول لا
أقولها لأن الإنسان عند موته أشد ما يكون ضيقا في الصدر ربما إذا قيل له قل لا إله
إلا الله فمن شدة ضيق صدره يقول لا وحينئذ يموت على الشرك ولكن العلماء يقولون يذكر
الله عنده برفع صوت حتى يسمع لعله ينتبه وهذا من التلقين فإن لم ينتبه ولم يخف
الإنسان عليه فتنة فإنه لا بأس أن يأمره بذلك وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم
عمه أبا طالب عند موته حين قال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند
الله فلأن أبا طالب كان كافرا فلو أنه قال لا أقولها لم يكن أمر النبي صلى الله
عليه وسلم له بضار ولهذا كان عند أبي طالب رجلان من المشركين فلما قال له النبي صلى
الله عليه وسلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله قال له هذان
الجليسان الشريران أترغب عن ملة عبد المطلب يعني ملة الشرك فكان آخر ما قال هو على
ملة عبد المطلب نعوذ بالله من سوء الخاتمة أيها المسلمون وإن من أكبر ذكر الإنسان
للشهادة عند موته أن يكون مكثرا لها في حياته لأن من أكثر من ذكر شيء ألفه وصار على
لسانه دائما ولهذا نجد كثيرا من المسلمين الذين يبلغون من الكبر عتيا حتى يصلوا إلى
الهرم وإلى الهذيان نجدهم إذا كانوا يكثرون الصلاة لا يفكرون ولا يذكرون إلا الصلاة
في هذه الحال وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا من شهادة لا إله إلا الله قبل
أن يحال بينكم وبينها وقال النبي صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله وحده
لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة
أنفس من ولد إسماعيل ومن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة
ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل
مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك فهذه خمس فوائد عظيمة لمن قال لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة قال العلماء
وينبغي أن يقولها في الصباح الباكر حتى تكون له حرزا من الشيطان من أول اليوم وقال
النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان
إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وقال النبي صلى الله عليه وسلم من
قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وقال صلى
الله عليه وسلم لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب
إليّ مما طلعت عليه الشمس وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يكسب كل
يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه فقال كيف يكسب أحدنا ألف حسنة قال يسبح الله
مائة تسبيحة فتكتب له ألف حسنة أيها المسلمون احمدوا الله تعالى على هذه النعم
واتقوا ربكم وأكثروا من هذه المكاسب العظيمة من أعمال يسيرة أكثروا من ذكر الله عز
وجل بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ليكن ذكر الله تعالى في قلوبكم قياما وقعودا وعلى
جنوبكم كونوا متذكرين دائما لعظمته وجلاله وكمال أسمائه وصفاته وأفعاله ففي كل شيء
له آية تدل على وحدانيته وتذكركم به وتبين عظمته وقدرته وتبرز بها آثار رحمته
وحكمته اذكروا الله تعالى بألسنتكم قولوا لا إله إلا الله سبحان الله الحمد لله
الله أكبر واعلموا أن كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله فالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ابتغاء وجه الله من ذكر الله وتعلم العلم وتعليمه ابتغاء
وجه الله من ذكر الله وهكذا كل قول من الخير تريدون به وجه الله فإنه من ذكر الله
عز وجل واذكروا الله تعالى بجوارحكم بفعل الطاعات وترك المعاصي فإن كل فعل أو ترك
تقومون به طاعة لله وتقربا إليه فهو من ذكر الله فالصلاة من ذكر الله والصدقة من
ذكرالله والصيام من ذكر الله والسعي إلى المساجد من ذكر الله وكل فعل تريدون به وجه
الله فهو من ذكر الله أكثروا أيها المسلمون من ذكر الله ولا تكونوا ممن أغفل الله
قلبه عن ذكره واتبع هواه فإن ذلك تضيع عليه حياته ويكون أمره فرطا لا يكتسب شيئا
ينزع الله البركة من عمره وعمله كما قال الله عز وجل ( وَلا تُطِعْ مَنْ
أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ
فُرُطاً)(الكهف: من الآية28) أيها المسلمون أكثروا من ذكر الله قبل أن يحال بينكم
وبينه إما بموت أو بعجز أو بالحرمان من ذكر الله عقوبة لكم على غفلتكم نسأل الله أن
يعفو عنا جميعا وأن يحيي قلوبنا بذكره أيها المسلمون لا يشغلنكم عن ذكر الله مال
ولا بنون فإنما (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)
(الكهف:46) إن الباقيات الصالحات كل عمل صالح وعلى رأسها قول سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله عباد الله إن ذكر الله ربح
وغنيمة وإن الغفلة عن ذكره غرم وخسارة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا
كان عليهم تره فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم وإن التره إن التره هي النقص والحرمان
فكل مجلس لا تذكر الله فيه ولا تصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خسارة
عليك أيها المسلمون إن ذكر الله تعالى يكون عاما مطلقا في كل وقت كما قالت عائشة
رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ويكون مقيدا
إما بعمل كأذكار الوضوء والصلاة والحج وإما بزمن كأذكار الصباح والمساء وإما بأحوال
ففي الوضوء التسمية في أوله والتشهد في آخره أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
والأذكار بعد الصلوات معروفة ومنها أن تستغفر الله ثلاثا حين تسلم وتقول اللهم أنت
السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وتسبح عشرا وتحمد عشرا وتكبر عشرا
فتقول سبحان الله عشر مرات والحمد لله عشر مرات والله أكبر عشر مرات هذه صفة أو
تقول سبحان الله ثلاث وثلاثين مرة والحمد لله ثلاث وثلاثين مرة والله أكبر أربع
وثلاثين مرة وهذه صفة أو تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاث وثلاثين مرة
فالجميع تسعة وتسعون وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو على كل شيء قدير لتكون مائة فهذه صفة ثالثة أو تقول سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر خمس وعشرين مرة لتكون مائة فهذه صفة رابعة وكذلك تقول ما
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار أما الصفات الأربع فإن بعضها بدل عن
بعض أي أنك تقول هذا مرة وتقول هذا مرة وفي الحج يقول الله عز وجل (فَإِذَا
قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ
أَشَدَّ ذِكْرا)(البقرة: من الآية200) وأذكار الصباح والمساء معلومة ومنها أصبحنا
وأصبح الملك لله والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو عل كل شيء قدير رب أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده وأعوذ بك من شر هذا
اليوم ومن شر ما بعده رب أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر أو سوء الكبر وأعوذ بك
من عذاب في النار وعذاب في القبر ويقول في الليل بدل أصبحنا وأصبح الملك لله يقول
أمسينا وأمسى الملك لله ويقول بدل اللهم إني أسألك خير ما في هذا اليوم يقول في
الليل أسألك خير ما في هذه الليلة وأما الذكر في الأحوال فأنواعه كثيرة بحسب
الحال فمن ذلك الذكر عند الكرب إذا أصاب الإنسان كرب فإنه يقول لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين ما دعا بها صاحب غم إلا فرج الله له بها وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يقول عند ا لكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب
العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ومن ذلك أيضا
الذكر إذا عصفت الريح واشتدت يقول اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما
أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ومن ذلك عند الرعد فقد كان
عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد وهو يتكلم قطع الحديث وقال سبحان
الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وقد صنف العلماء رحمهم الله كتبا كثيرة
في الأذكار منها كتاب الأذكار للنووي والوابل الصيب لابن القيم والكلم الطيب لشيخ
الإسلام ابن تيميه فرحمة الله عليهم أجمعين اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم اجعلنا في أهلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات من الذين اغتنموا أوقاتهم
بالباقيات الصالحات اللهم أعصمنا يا مولانا من الغفلة عن ذكرك ومن التشاغل بما لا
يقربنا إليك (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا
مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8) واغفر لنا
وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين .
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى
وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فقد
قال الله تعالى في كتابه العزيز (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ
وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (التغابن:2) وقال الله
تعالى (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ
وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(الشورى: من الآية7) وقال تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ
السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) (الروم:14) (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) (الروم:15) (وَأَمَّا
الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي
الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ) (الروم:16) أيها المسلمون في هذه الآيات وغيرها من كتاب
الله عز وجل دليل على أن بني آدم ينقسمون في الحياة الدنيا إلى قسمين مؤمن وكافر
وفي الآخرة يتفرقون إلى دارين دار النعيم المقيم ودار العذاب الأليم إن هذا التفريق
الذي بينه الله في كتابه يجب علينا أن نظهره في أقوالنا وأفعالنا وقلوبنا يجب علينا
أن نتبرأ من كل كافر مهما كان لقد قال الله عز وجل (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا
بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)(الممتحنة: من الآية4) وقال الله عز وجل (وَإِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ)
(الزخرف:26) (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) (الزخرف:27) أيها
المسلمون إنه لا يتم الإسلام إلا بالبراءة من الشرك وأهله بالبراءة منهم ظاهرا
وباطنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من تشبه بقوم فهو منهم فجعل المتشبه
بالكافرين من الكافرين لأنه بتشبهه بهم لم يتبرأ منهم بالظاهر أيها المسلمون إنه من
المؤسف أن سمعنا أن بعض الناس يهنئون الكفار بأعيادهم يقولون لهم عيد مبارك أو بارك
الله لك في عيدك أو ما أشبه ذلك من التهاني ويوافقونهم كذلك في حضور الحفلات والأكل
من الوجبات وإن هذا والله خلاف البراءة من الشرك وأهله وخلاف طريق الأنبياء الذين
أمرنا بإتباعهم إن الواجب على المسلم أن يكون عزيزا في نفسه بدينه أن يكون قويا
بالله عز وجل وبما من الله عليه من الدين ولقد قال ابن القيم أحد تلاميذ شيخ
الإسلام البارزين رحمه الله قال في كتابه أحكام أهل الذمة إنه لا يجوز بالاتفاق أن
يهنأ الكفار بأعيادهم الدينية قال وهذا إن لم يصل إلى حد الكفر فإنه على خطر عظيم
قال هذه الكلمة الأخيرة أو معناها أيها المسلمون إنه لا يجوز أن يهنأ الكفار
بأعيادهم ومن هنأهم فإنه آثم عاص لله فليتب إلى الله من ذلك ولا يعودن إلى مثله لقد
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه المذكور إن تهنئة الكفار بأعيادهم أشد من تهنئتهم
على شرب الخمر ومن تهنئتكم على أكل لحم الخنزير لأنهم إذا هنئوا على شرب الخمر أو
أكل لحم الخنزير فإنما هنئوا على أمر محرم أما إذا هنئوا على أعيادهم فإنما هنئوا
على الكفر والشرك ومن المعلوم أن الكفر والشرك أعظم من المحرم أيها المسلمون اتقوا
الله تعالى واعتزوا بدينكم وأنفسكم فأنتم مسلمون لله مستسلمون له ظاهرا وباطنا
تحبون ما أحب الله وتكرهون ما كره الله هكذا تكون حال المسلم حال إنسان عزيز يرى
أنه فوق كل الكفار لأن الله يقول عن دين الإسلام (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33) وهم وإن تقدموا علينا بالصناعة وأمور الدنيا لأننا
فرطنا في كثير من الفرص والمناسبات والذنب ذنبنا وليس ذنب ديننا فديننا يأمرنا بكل
خير وينهانا عن كل شر لكن لتفرق الأمة الإسلامية واختلافها وشن الحروب فيما بينها
وتدخل الأعداء بينهم حتى يؤلبوا بعضهم على بعض من أجل ذلك تأخرنا كثيرا عنهم فيما
هو نافع من أمور الدنيا فالذنب ذنبنا وليس ذنب ديننا ولكننا لو رجعنا إلى ديننا حق
الرجوع فوالله لن يقوم لنا أحد ولن يستطيع أحد أن يكون خيرا منا ألم تسمعوا إلى
هرقل ملك الروم حين حدثه أبو سفيان بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من عبادة
الله والأخلاق الفاضلة والبعد عن الفحشاء والأخلاق السافلة قال له هرقل ملك الروم
والروم في ذلك الوقت تقابل الدولة الكبرى في وقتنا هذا قال له ملك الروم لئن كان ما
تقول حقا فسيملك ما تحت قدمي هاتين فلما خرج أبو سفيان قال لأصحابه لقد أمر أمر ابن
أبي كبشه إنه ليخافه ملك بني الأصفر أي لقد عظم أمره حيث خافه هذا الملك ملك بني
الأصفر أي الروم أيها المسلمون إن النبي صلى الله عليه وسلم ملك ما تحت قدمي هرقل
ليس بشخصه ولكن بدينه وخلفائه الذين خلفوه في أمته عقيدة وعملا ودعوة وجهادا ونحن
لو سرنا على ما سار عليه أسلافنا من الاعتزاز بديننا وأننا نرى أننا فوق جميع الخلق
إذا قمنا بدين الله عز وجل وأن العاقبة لنا لو كنا نؤمن بذلك حقا ونسعى له حقا ما
قام أحد أمامنا ولكن مع الأسف الشديد أن كثيرا من المسلمين اليوم استولت عليهم
الغفلة واستولى عليهم حب الدنيا ونسوا الله فنسيهم وأعرضوا عن الله فخذلهم فاتقوا
الله أيها المسلمون لا تنخدعوا لأعداء الله لا تذلوا أمام أعداء الله كونوا أقوياء
بدينكم إن كل المسلم لا بد أن يكون بريئا من الشرك وأهله براءة ظاهرة وباطنة بقلبه
وقوله وفعله وإلا فإنه ينقص من إيمانه بقدر ما نقص من براءته اللهم إنا نسألك
الإخلاص لك ولعبادك المؤمنين بالمحبة فيك يا رب العالمين اللهم ارزقنا كراهة أعدائك
وارزقنا القوة على دعائهم إلى الحق حتى يكونوا عبادا لك أيها المسلمون إن واجبنا
نحو هؤلاء الذين بيننا من الكفار أن ندعوهم إلى دين الله بقدر المستطاع وأن لا نيأس
حتى وإن وجدنا في أول أمرهم نفورا فإنه لا مانع من أن يكرر الإنسان الدعوة إلى
الإسلام وبيان محاسنه فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم أيها
المسلمون إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر
الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
فعليكم بالجماعة عليكم بالجماعة وهي التزام الدين والاجتماع عليه ومنها صلاة
الجماعة في المساجد عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار
واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فاكثروا من الصلاة والسلام
على نبيكم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها
عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا
اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من
حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين اللهم أرض عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن
الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وأرض اللهم عنا معهم وأصلح
أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز
الإسلام والمسلمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح لولاتهم بطانتهم يا
رب العالمين (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا
بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا
إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم)(الحشر: من الآية10) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق:
0 comments: